قصة قصيرة نشرها لي
د/أحمد خالد توفيق في روايته الجديدة من فانتازيا
53- بحاران
"محمود" اسم مألوف له رنين حلو و.... ولكن ليس هذا ما يهمنا ها هنا...
ذلك هو بطل قصتنا اليوم... إنسان عادي جدًا... مثلي ومثلك...
إنسان هادئ بطبعه... طيب... حاضر الذهن ويحب الدعابة...
إنسان ملتزم –إلى أقصى درجة- بتنفيذ القوانين...
يصرح –دائمًا كلما سنحت له الفرصة- بأن كل إنسان إذا التزم بالقوانين والضوابط الموضوعة من قبل الدولة أو الحكومة سوف تتغير الحياة للأفضل !
فهو مؤمن بذلك تمامًا...
يعمل "محمود" موظفًا في مصلحة حكومية... يحب عمله كثيرًا..
ولكنه كثيرًا ما يختلف مع زملاؤه في العمل... بالرغم من حبهم الشديد له وحبه كذلك لهم !
وذلك بسبب التزامه الشديد بكل ما هو رسمي أو قانوني أو شرعي...
فهو يرفض أي نوع من التحايل على القانون... يرفض أن توضع أوراق ذات قيمة مالية في درج مكتبه مقابل إنهاء أوراق مطلوبة دون المرور بدورته الحكومية الروتينية...
إنه يخشى مخالفة البيروقراطية- الروتين الحكومي-...
وذلك ما يجعله أحيانًا يشعر بالوحدة والضيق...
يشعر بالغربة وسط زملاؤه... يشعر بأنه وحده وسط أناس جشعة... تستغل وظيفتها أسوأ استغلال...
وحينما يتعمق الشعور بداخله... يحس بالضعف !
فهو واحد مقابل مئات... بل آلاف الآلاف...
ولكنه -في النهاية- قرر أن يمتلك سلاحًا !
سلاح يدافع به عن مبدئه... سلاح يحميه ويطمئنه...
وأخذ يفكر أيامًا وليالي في ماهية ذلك السلاح...
وأخيرًا هداه عقله إلى سلاح لا بأس به... سلاح قديم قدم الإنسان... إنه أول سلاح اكتشفه الإنسان...
إنه أول ما دافع به رجل الغابة-قديمًا- عن نفسه وأسرته ضد حيوانات الغابة المتوحشة...
إن السلاح ما هو إلا "النــــار" !
أرى ملامح الدهشة مرسومة على وجوهكم... وعلامات الاستنكار ترسم ملامحها بشدة... ولكن تلك ليست دعابة.. وبالطبع أنت لم تخطئ القراءة...
أنها الحقيقة إذن...
لقد قرر "محمود" أن يمتلك "ولاعة"...
لا أعلم كيف أصف لكم سعادته عندما توصل إلى ذلك القرار... لقد أحس بنشوة ما بعدها نشوة...
إنها نار الاطمئنان بالنسبة له...
( من يمتلك "مسدسًا" ويضعه باستمرار تحت وسادته أو في درج مكتبه... إنه غالبا لا يستخدمه وأحيانًا لا يعرف كيفية استخدمه... ولكن مجرد وجوده في متناول يده يعطيه الشعور بالاطمئنان...)
وذلك هو حال بطلنا...
لذا قرر امتلاك "ولاعة" نادرة... قرر أن تكون "الولاعة" غير تقليدية... غير مألوفة...
ولقد أستغرق منه البحث ثلاثة أيام كاملة...
حتى توقف عند ذلك التاجر البسيط... فوقعت عيناه عليها ساكنة في هدوء...
وكانت بالضبط كما تخيلها...
"ولاعة" غريبة الشكل... سداسية مجسمة لها زر لفتح مقدمتها وزر آخر لخروج اللهب...
وعندها لم يتردد قط... نقد الرجل ثمنها الزهيد فورًا...
وأخذها نشوان...
عبث بنيرانها قليلاً... ثم وضعها في جيبه...
وسار مستكملاً طريقه...
شاعرًا بالراحة والاطمئنان...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق